الانتقام

أخيراً سأنتقم ..
 لقد انتظرت هذه اللحظة طوال حياتي وها هي قد أتت أخيراً
سأنفذ وصيتك أمي وأحقق أمنيتك الأخيرة و أنت على فراش الموت.
“لا تنسى يا بني ، لا تنسى دم أبيك” ، كانت تلك آخر كلمات نطقت بها أمي قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة.
 فتحت عيناي على هذه الدنيا لأجد نفسي يتيم الأب ، محروماً من السند ، ليس لي من ألجأ إليه وقت الشدة كبقية أترابي.
 كثيراً ما لجأت إلى زاوية من الزوايا مخبئاً دموعي المنهمرة عندما كنت أرى غيري يلعب مع والده ويخبره تفاصيل يومه ويبث له همومه و مشاكله ، بينما أنا لا والد لدي.
“كل هذا منها” ، لطالما كررت أمي هذه الجملة على مسامعي في كل مرة دخلت عليها وعلامات البؤس محفورة في وجهي.
 “لولا تلك اللعينة لما كان هذا حالنا ، هي التي حرمتك من الأب وحرمتني من الزوج” ، وتبدأ أمي بعدها بالنحيب والبكاء.
 بكاء لم يفارقها ولو ليوم واحد منذ مقتل والدي لآخر لحظة بعمرها.
“تلك الليلة المشؤومة…
تلك الليلة التي طويت فيها صفحات السعادة في حياتنا و انمحت بعدها من قاموسنا كلمة الفرح” ، و كأن ألف سيف محمي النصل يخترق قلبي كلما أتذكر تفاصيل الليلة الأخيرة لوالدي كما روتها لي أمي.
“دفعني أبوك بعيداً حتى ينقذني و لكنه لم يستطع أن ينقذ نفسه ، فلقد دهسته المجرمة بكل دمٍ بارد و لم تتوقف حتى لمجرد أن ترى آثار جريمتها ، بل واصلت مسيرها و كأن شيئاً لم يكن”
 “يجب أن تدفع الثمن ، دم أبيك لن يذهب هدراً” ، وأنا من يجب عليه أن يطالب بالحساب و سيكون الحساب شديداً وقتها.
 سهرت ليالٍ كثيرة و أنا أخطط لهذه اللحظة ، و جافاني النوم ليالٍ أكثر و أنا أتخيل ساعة الإنتقام … 
 أيام طويلة قضيتها في مراقبتها عن بعد دون أن تشعر بي ، حتى عرفت جدولها اليومي و حفظت تحركاتها و اخترت الوقت المناسب للإنتقام ، والآن حان وقت التنفيذ.
 ستدخل بعد ثوان قليلة من هذا الباب و ستجدني بانتظارها على أحر من الجمر ، و لكن هل ستعرفني يا ترى؟ لطالما قالت لي أمي بأنني نسخة عن أبي ، و لكن هيهات أن يتذكر شخص عديم القلب والإحساس مثلها ضحاياه. 
 لقد تحرك مقبض الباب …
 هناك شخص يدخل الآن .. 
 إنها هي …
 أبي … كن فخوراً بولدك … فهو سينتقم لك
أمي … وصيتك ستنفذ و سترتاحين أخيراً
 الآآآآآآآآآن


آآآآآآآآآآآآآآه  (صرخة هائلة)
——————–
الأب و هو يلهث من الجري: خير ما الذي حصل ، من الذي صرخ؟ ولماذا تضحك كالمجانين؟
 الابن و هو ممسك بطنه من شدة الضحك: كانت تلك الصرخة لأختي.
 الأب: أين أختك؟ ولماذا صرخت؟
 الابن و هو لا يزال يضحك: إنها في الحمام و هي تبكي بشكل هستيري. 
 الأب و قد بدأ صبره بالنفاد: و ما سبب بكائها؟
 الابن: سبب سخيف جداً ، ركضت للحمام بعد أن سمعت صرختها و وجدت صرصوراً متعلقاً بأنفها ، فطرحته أرضاً و قتلته بالشبشب ، لا أكثر و لا أقل 🙂

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *